يسعى كل واحد منا لأن يرسم لنفسه شخصيَّته المتفرّدة والمستقلة عن الآخرين منذ مجيئه إلى هذه الدنيا وبداية إدراكه لنفسه وللآخرين من حوله.
ولكون الإنسان لا يولد ومعه شخصيَّته الجاهزة فهي وعند تشكلها تتأثر وبشكل كبير بحسب ما قال الخبراء بالمجتمع الذي يحيط به.
ويكون للحالة الاجتماعية والثقافية والبيئية الدور الكبير في تكوين شخصية الفرد.
ولكن ما أكده العلماء مؤخراً أن ترتيب الفرد بين أفراد عائلته أي إذا كان هو الولد الأول أو الثاني أو الثالث يمكن أن يؤثر أيضاً وبشكل كبير على شخصيَّته.
إلى أي مرتبة عائلية تنتمي وهل فكرت يوماً إلى أي درجة قد أثرت مرتبتك في العائلة على شخصيَّتك؟
تقول الخبيرة رايزل روبين إنه في حال كنت الولد الأول للعائلة يكون من المؤكد أنك قد سبق ولاحظت أنك وبشكل طبيعي تساعد إخوتك الأصغر منك سناً وتقدّم لهم النصيحة؟
أما في حال كنت الولد المتوسط في العائلة فإنك تجد نفسك تتلقى "الأوامر والإرشادات والنصائح" من الأخ أو الأخت الأكبر بالإضافة إلى أنك تجد نفسك الشخص الدبلوماسي في العائلة أي الشخص الذي يهدئ من الخلافات العائلية.
ويميل الشخص الذي يكون ترتيبه الولد الأخير بين أفراد العائلة وفق ما قالت الخبيرة رايزل؛ إلى إطلاق النكات في الجلسات العائلية كما أنه ينقد الأمور المزعجة التي تحدث ضمن جوِّ العائلة بطريقة هزلية.
وتقول الدكتورة نينا هاو البروفسورة في علم النفس من جامعة كونكورديا في مونتريال في كندا إن الشخصية هي نتاج لعديد من العوامل التي تتفاعل مع بعضها.
ومن هذه العوامل المؤثرة على الشخصية الجينات الوراثية والتعليم والبيئة الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب أن خبرات الإنسان في الحياة تؤثر وبشكل كبير على الشخصية.
ويمكن لترتيب الشخص بين أفراد الأسرة أن يكون له تأثير كبير أيضاً على شخصية الإنسان.
وأوضحت الدكتورة ديل بولهوس البروفسورة في علم النفس في جامعة University of British Columbia في كندا أن للعائلة تأثيراً كبيراً على نفسية المرء وشخصيَّته ويتضمَّن ذلك مرتبته في العائلة.
وعن سبب تأثير مرتبة الشخص في العائلة قالت الدكتورة بولهوس "إن جميع علماء النفس كانوا قد أجمعوا على أن الشخصية هي نتاج لما حدث مع الإنسان أثناء طفولته".
وبما أن كلَّ إنسان ينمو وبشكل طبيعي كفرد ضمن عائلة فإن ذلك يؤكد على نظرية أن كلَّ فرد يسعى لأن يؤكد لنفسه الشعور بالانتماء إلى العائلة والتي تعتبر أول مكان يشعر فيه الطفل بالانتماء.
ولذلك فإن الأشقاء ضمن العائلة الواحدة يعملون وبشكل طبيعي لأن يميّزوا أنفسهم عن بعضهم البعض.
ووفقاً لما أكده الخبراء فإن الطفل الأول وبالإجمال يكون شخصاً صاحب مسؤولية والشخص المتوسط في العائلة فيعرف أنه شخص دبلوماسي.
أما الشخص الذي يكون هو المولود الأخير في العائلة فإنه إجمالاً ما يكون الشخص المتمرّد في العائلة والذي يكون بحسب ما قال علماء النفس الشخص المدلل مدى الحياة.
وقام الخبراء بتحديد شخصية كلّ فرد وفقاً للمرتبة التي ينتمي إليها ضمن العائلة وذلك على الشكل التالي.
إذا كنت كبير إخوتك
يعتبر أول ولد في العائلة أنه يكون الطفل الوحيد فيها ريثما يصبح لدى العائلة ولد آخر.
وبذلك بحسب ما قال الخبراء فإنه وبشكل طبيعي يميل إلى الشعور بالاستقلالية والانفرادية.
ويكون الأهل في هذه المرحلة أي مع قدوم أول طفل لهم يشعرون بأنهم يودُّون أن يكون هذا الطفل أفضل شخص في العالم كي يكونوا فخورين به.
كما أنهم يتوقعون منه الأفضل ولذلك فإن معظم الأهل يدفعون بطفلهم الأول ليحقق الأهداف مهما كان الثمن.
وفي دراسة أجراها الخبراء تبيَّن أن الولد الأول لدى الأهل تكون آمال العائلة منعقدة عليه ويتوقعون منه أن يحقق الأهداف.
وتقول إحدى الفتيات التي شملها البحث وتدعى ايزابيل بونزانت إنها كانت تحلم أن تصبح مصممة أزياء إلا أن عائلتها لم ترَ في هذه المهنة سوى أنها مجرَّد هواية تضمُّ الرسم والتصميم وأكدت عائلتها أن عليها أن تجد لنفسها مهنة أخرى تعيش من خلالها وتقدر على مواجهة الحياة من خلالها ولذلك اضطرت لدراسة الفلسفة وعلم النفس على الرغم من أنها لم تكن تحبها.
وأوضحت الدكتورة بولهوس أن ما حدث مع هذه الفتاة يعتبر نموذجاً للابن الأول إذ إن الأهل وعن غير قصد أحياناً يرون أنهم حققوا هدفهم من خلال رؤيتهم لطفلهم الأول يحقق الأهداف وبذلك يفتخرون به.
هذا ويميل الابن الأول في العائلة إلى الالتزام بقوانين العائلة بالإضافة إلى أنه شخص محافظ ومسؤول.
كما أنه يكون شخصاً واعياً وممتناً لمنزلته الرفيعة عند الأهل إذ إنه ومنذ الطفولة يسمع المديح من أهله لاتباعه قوانين العائلة.
إلى ذلك يتسم الشخص الذي يكون أول مولود لدى العائلة بالثقة العالية بالنفس.
إذا كنت في الوسط
يميل الأشخاص الذين يولدون في الوسط إلى أن تكون نفسيَّتهم حساسة.
ووفقاً لما حدَّده الخبراء من خلال الدراسات العلمية أن المولود في الوسط يكون في الإجمال شخصاً دبلوماسياً.
إلى ذلك يكون هؤلاء الأشخاص مستمعين جيدين كما أنهم يستمعون لجميع الجهات المتنازعة بشكل حيادي، ويحاولون في حالات الصراع التي يكونون متواجدين فيها على محاولة الإصلاح فيما بينهم.
وتقول إحدى الفتيات التي شملها البحث وتدعى كلوي ستيوارت وهي الفتاة الثانية بين ثلاث فتيات إنها تكره النزاعات بين الناس ولا تستطيع أن تمنع نفسها من محاولة الإصلاح بين الأطراف.
ويعتبر هذا نموذجاً مثالياً للابن المولود من الوسط إذ إنه يميل إلى الدبلوماسية ويكون إجمالاً هو الشخص المصالح في النزاعات التي تقع بين أصدقائه.
إذا كنت المولود الأخير
يسعى الشخص المولود في الآخر وبحسب ما أكد الخبراء للتأكيد على فرديَّته وشخصيَّته المستقلة.
وأوضحت الدكتورة بولهوس أن هذا المولود يسعى إلى صنع بيئة خاصة به.
إلى ذلك فإن الأشخاص الذين يكون ترتيبهم الأخير بين أفراد أسرتهم يميلون لأن يكونوا متمرّدين ولا يميلون إلى السلطة.
هذا ولا يتردَّد هؤلاء المواليد في خوض المجازفات إذ إنهم وحتى ولو فشلوا يعرفون أن الآخرين لن ينزعجوا من فشلهم إذ إنهم اعتادوا ومنذ الطفولة على مراعاة أهلهم لأخطائهم.
ويعرف الأشخاص الذين يولدون في الآخر بشخصيَّتهم الحنونة.